لا ترد ... وكأنه لا يلمسها ..!!
بدأ الخوف يتملكنه ... وأخذ يرفع صوتي قليلاً .. أمي ... أمي ..!!
صرخ ... ولكن لم لا تستجيب له .... هل ماتت ؟؟؟
وأنا في ذهوله وصعقته بتخيل موت أمي ... إذا بها تفوق من نومها كمن كانت بكابوس
كانت فزعة جداً وتلهث ... وتنظر يمنة ويسرة ... فبرق دمعته على عينه وقال بصوت خافت: أمي أنا هنا.
فلم ترد علي ...
أمي ألا ترينه ؟؟؟!!
أمي ؟؟؟؟
وذهب يقول أمي بكل عجب أمي ... أمي
أمي ..
أمي ..
وكانت تضع كفها على صدرها لتهدئ روعة قلبها
وتقول بسم الله الرحمن الرحيم
ثم التفتت إلى أبه ... وبدأت توضقه من نومه ..
فأجابها ببرود.. نعم؟
فقالت له قم لأطمئن على ولديّ
فرد أبه: تعوذي من الشيطان ونامي
فقالت أمه:أنا قلقة جداً ... أشعر بضيق ... وضنك يملأ صدري .. وأشعر أن هناك مصيبة
وأنا أنظر إليها بذهول ... وكنت أعلم جيداً إحساس الأم لا يخيب
فقال : يا أمي أنا هنا ... ألا تريني يا أماه ... أمي
فقامت أمه ومشت إلى حجرتي حاول أن يمسك لباسها ... لكن لم يستطع الإمساك به .. وكأن يده تخترقه
ركض إلى أمامها ووقت ... ماداً ذراعه لها ..
فإذا بها تمر منه ؟؟!!
فأخذت ألحقها وأصيح أماه ... أمااااااه ؟؟!
ووالده كان خلفه ... فلم ألتفت إليه ... كي لا يتجاهلنه ...
دخلت امه إلى حجرته وأخه وأشعل المصباح ..
الذي كان مضاءً بنظره
صقع عندما وجد نفسه نائماً على سريري
فنظر إلى يده باستنكار ... من ذاك ... ومن أنا ...
كيف أصبحت هنا وهناك
وقطع سيل اندهاشي صوت أبه : كلهم بخير .. هيا لننم.
فردت أمي : انتظر أريد أن أطمئن على محمد.
ورآها تقترب من سريره.
وتنظر إليه بعين حرص
وتزيد قرباً من النائم على سريره.
وتضع يدها على كتفه... محمد .... محمد
لكنه لم يرد ... فصاح أنا هنا أمي .. أنا هنا أمي
بدأت تضربه على كتفه بقوه ... وتصيح ... محمد .... محمد
لوت وجهه إليها وتلطمه .... محمد .... محمد .... وبدأت تعوي وهي تقول ...محمد ... محمد
فركض إليها ... يبكي على بكائها ... أمي ... أمي
أنا هنا يا أمي ... ردي علي أماه ... أنا هنا
وفجأة صرخت ولقيت الصرخة توجع قلبي
بكا
وقال لها أمي لا تصرخي ... أنا هنا
وهى تقول: محمد
فركض أبه إلى سرير
ووضع يده على صدره ... ليسمع نبضه ...
وآلمه بكاء أبه بهدوء ... وبهدوء يضع يده على وجهه ويمسح بوجهه على حبينه
فتقول أمي : لم لا يرد محمد
والبكاء يزيد وأنا لا أعرف ما العمل
استيقظ أخه الصغير على الصوت أمه وهو يسال ما الذي يحصل؟؟
فردت أمه صارخة: أخاك مات يا احمد.
مات
فبكا يقول: أمي أنا لم أمت .. أمي أنا هنا ... والله لم أمت ... ألا تريني أمي .... أمي
أنا هنا انظري إلي
ألا تسمعيني
لكن بدون أمل
رفع يده ...ليدعو ربه
ولكن لا يوجد سقف لمنزله
ورأيت خلق غير البشر وأحسست بألم رهيب
ألم جحظت له عيناي وسكتت عنه آلامي
نظرت لأخي فوجدته يضرب بيده على رأسه وينظر إلى ذاك السرير قلت له: اسكت أنت تعذبني
لكنه كان يزيد الصراخ
وأمه تبكي
وزاد والنحيب
وقفت أمامهم عاجزاً ومذهول
رفع راسه إلى السماء وقال: يا رب ما الذي يحصل لي يا رب
وسمع صوت من حوله ... آتياً .. من بعيد ... بلا مصدر
تمعنت في القول سمعي
فوجد الصوت يعلو ... ويزيد ... وكأنه قرآن
نعم إنه قرآن والصوت بدأ يقوى ويقوى ويقوى
هزنى من شدته
كان يقول :" لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ"
شعرت به مخاطباً إياي.
وفى هول الصوت
وجد أيدي تمسك به
ليسوا مثل البشر
يقولوا: تعال.
قال لهم ومن انتم؟
وماذا تريدون؟
فشدوني إليهم فصرخت
أتركوني
لا تبعدوني عن أمي وأبي ... وأخي ...
هم يظنوا أني مت...
فردوا : وأنت فعلاً ميت
قال لهم: كيف وأنا أرى وأسمع وأحس بكي شيء
ابتسموا وقالوا: عجيب أمركم يا معشر البشر أتظنون أن الموت نهاية الحياة؟
ألا تدرون أنكم في البداية؟
وحلم طويل ستصحون منه
إلى عالم البرزخ
سألهم : أين أنا ؟؟ ... وإلى أين ستأخذوني؟؟
قالا له: نحنا حرسك إلى القبر
ارتعش خوفا
أي قبر؟
وهل ستدخلونني القبر
فقالا: كل ابن آدم داخله
فقال: لكن..!
فقالا: هذا شرع الله في ابن آدم
فقال: لم أسعد بها من كلمة في حياتي .. كنت أخشاها ويرتعد لها جسمي ... وكنت أستعيذ الله منها وأتناساها.
لم أتخيل أني في يوم من الأيام داخل إلى القبر.
سألتهم وجسمي يرتعش من هول ما أنا به: هل ستتركونني في القبر وحدي؟
فقالا: إنما عملك وحده معك.
فاستبشرت وقلت وكيف هو عملي؟؟ أهو صالح؟
......
وحطم صمتنا صوت صريخ أحدهم فالتفت أليه ... ونظرت إلى آخر .. فوجدته مبتسماً بكل رضا
وكل واحد منهم لديه نفس الاثنين مثلي.
سألهم: لم يبكي؟!
فقالا: يعرف مصيره. كان من أهل الضلال
قلت: أيدخل النار؟ واسترأفت بحاله
وهذا؟؟ وكان متبسماً سعيداً رضياً .. أيدخل الجنة؟؟
ماذا عني؟
أين سأكون ؟
هل إلى نعيم مثل هذا أم إلى جحيم مثل ذاك؟
أجيبوني ..
فردا: هما كانا يعلمان أين هما في الدنيا. والآن يعلمون أين هم في الآخرة.
وأنت؟! كيف عشت دنياك؟؟
فرد : تائه؟ .. متردد؟
قليلٌ من العمل الصالح وقليل من الطالح؟
أتوب تارة وأعود بالمعاصي كما كنت؟
لم أكن أعلم غير أن الدنيا تسوقني كالأنعام.
فقالا: وكيف أنت اليوم هل ستضل متردداً تائهاً؟
فصرخت:
ماذا تقصد .. أواقع في النار أنا؟
فقالا: النار .. رحمة الله واسعة
ولا زالت رحلتك طويلة.
نظر خلفه ... فوجدت عمي وأبي وأخي يبكون خلفي
يحملون صندوق على أكتافهم
ركض مسرعاً إليهم
صرخ .. وصرخ .. ولم يرد عليه أحد
وقال:
أمي كانت بين الناس تبكي ... تقطع قلبي وذهبت إليها ... فقلت أماه ... لا تبكِ .. أنا هنا أسمعيني ... أمي ... أمي ... أدعي لي يا أمي وقفت بجانب أبي : وقت في أذنه: أبي ... استودعتك الله وأمي يا أبي ... فلترعاها ... وتحبها كما أحببتنا .. وأحببناك ...
صرخت إلى أخي ... أحب إلى من نفسي ... وقلت له ... محمد فلتترك الدنيا خلفك ... إياك ورفقة السوء وعليك بالعمل الصالح ... الخالص لوجه ربك ... ولا تنسى أن تدعوا لي وتتصدق لي .. وتعتمر لي ... فقد انقطع عملي .. فلا تقطع عملك .. حتى بعد موتك ... فقد فاتني .. ولم يفتك أنت ... وتذكرني ما دامت بك الروح وإياك والدنيا فإنها رخيصة ولا تنفع من زارها ... وقفت على رأسهم كلهم ... وصرخت بكل صوتي:
وداعاً أحبتي .. لكم يحزنني فرقكم ... ولكن إلى دار المعاد معادنا .. نلتقي على سرر متقابلين .. أن كنا من أصحاب اليمين ..
لم يجبني أحد ... كلهم يبكون ... ولم يسمعني أحد ... تقطع قلبي من وداعهم بلا وداع
لم أتمنى قبل ذهابي إلا أن يسمعوني
وشدني صحبي .. وأنزلوني قبري
ووضعوا روحي على جسدي في قبري
ورأيت أبي يرش على جسدي التراب
حتى ودعني .. وأغلق قبري
لا يشعرون بما أشعر
وأحسدهم على الدنيا ... لطالما كانت مرتع الحسنات ولم آخذ منها شيء
لكن لا ينفعني ندم
كنت أبكى وكانوا يبكون
كنت أخاف عليهم من الدنيا
وأتمنى إذا صرخت أن يسمعوني
وخرجوا كلهم وسمعت قرع نعالهم
وبدأ حياته ... في عالم البرزخ ..
لا إله إلا الله ... لا إله إلا الله .... لا إله إلا الله
اسفه للاطالة